الرافعة المالية في سوق العملات سلاح ذو حدين
في بعض مجالات العمل مثل القطاع العقاري، من الممكن أن نسمع عن طريقة لربح الكثير من الأموال وذلك عن طريق استخدام أموال أشخاص آخرين. وفي الحقيقة، يبدو هذا الأمر صحيحا في كل صفقة يتم إبرامها في سوق العقارات خاصة لو كانت تتضمن الصفقة عملية رهن عقاري، حيث أنه في تلك الحالة من الممكن استخدام الأموال الخاصة بالرهن العقاري لشراء المنزل وبالتالي فإنك تقوم بالشراء باستخدام أموال أشخاص آخرين. وبصورة عامة فإن فكرة الرافعة المالية في أسواق المال مثل سوق العملات تشبه كثيرا تلك الفكرة وهي استخدام أموال أشخاص آخرين من أجل الحصول على أرباح. وفي هذا المقال سوف نتحدث عن الرافعة المالية وكيفية استخدامها وتأثيرها على مسار التداولات في سوق العملات وأيضا تأثيرها على أداء المتداول نفسه. (راجع المقال التالي: استخدام الروافع المالية في التداول في سوق الفوريكس)
مفهوم الرافعة المالية
قد يكون اقتراض الأموال من البنك طريقة معروفة للجميع وذلك لاستخدامها في إبرام صفقة ما أو شراء منزل على سبيل المثال بدلا من استخدام الأموال الشخصية في القيام بهذا الأمر. وفي بعض الأحيان فإن ذلك الأمر قد يؤدي إلى تحقيق عوائد مرتفعة على تلك الأموال مما تكون نسبتها على رأس المال الأصلي أعلى بكثير.
على سبيل المثال، لنفترض أنك قد قمت بتأجير عقار قد قمت بشرائه قبل ذلك بقيمة 1 مليون دولار، وكان العائد على ذلك العقار 15% كل عام. وبالتالي، سوف يكون العائد على الاستثمارات الخاصة بك بنسبة 15% كل عام. ولكن لنفترض أنه بدلا من دفع قيمة العقار صورة كاملة فإنك قد قمت باقتراض تلك الأموال من البنك على سبيل المثال بنسبة 800 ألف دولار من البنك و 200 ألف دولار من حسابك. وبالتالي، بعد دفع الفوائد على قيمة القرض، من الممكن أن يتم تحقيق عائد 8% فقط بدلا من 15%، ولكن 8% والتي تمثل 80 ألف دولار إن تم قسمتها على رأس المال الذي قمت بدفعه (200 ألف دولار) أي أن النسبة ستكون 40%. وبالتالي فإنه عندما اقترضت جزء من البنك وقمت بالمساهمة بالجزء الأخر فإن نسبة العائد على الاستثمار سوف تكون أكبر من العائد على المبلغ المدفوع بالكامل.
مخاطر الرافعة المالية
بالنسبة للأسواق المالية وخاصة سوق العملات فإن كبار المستثمرين في السوق يعتبرون كلمة الرافعة المالية كلمة غير جيدة وغير مفضلة، حيث يحاول الكثير منهم اقتراح إستراتيجيات لا تعتمد على استخدام الرافعة المالية ويقاومون استخدامها بكل الوسائل. ووجهة نظرهم في ذلك أن الرافعة المالية تعتبر سلاح ذو حدين قد يقطع يدك. فمن الممكن أن نقوم بتحقيق أرباح كبيرة وعالية من استخدام الرافعة المالية وهذا صحيح، ولكن في نفس الوقت من الممكن أيضا تحقيق خسائر فادحة من استخدام الرافعة المالية في سوق العملات. وفي الحقيقة فإن ذلك صحيح نسبة 100% ولكن يجب أن نعلم أنه بدون الروافع المالية لا يمكن التعامل في سوق العملات نهائيا.
ولذلك، يجب التعامل دائما باستخدام الرافعة المالية، وفي نفس الوقت يجب أيضا أن نعلم كيفية التعامل معها بصورة صحيحة، حيث من الممكن الاستفادة من الروافع المالية في بناء الكثير من الثروات من سوق العملات ولكن في نفس الوقت يجب أن نكون على قدر عالي من الاحتراف والحذر عن التعامل بها حيث أنها قد تحرق كل الأموال المتاحة. ويبدو الأمر مشابها بشكل كبير لقيادة السيارات على الطرق الطويلة، فالكثير من الناس يموتون في حوادث السرعة ولكن لماذا لا يهتم الناس بتلك الإحصائيات ويتجاهلونها وهذا هو وجه التشابه بين الاثنين.
الرافعه الماليه في سوق العملات
في سوق العملات، غالبًا ما تكون الرافعة المالية المعتادة هي 100:1، الأمر الذي يعني أنه على كل 1000 دولار من الممكن التداول على ما قيمته 100 ألف دولار. ويعتقد الكثير من المتداولين أن السبب في منح صناع السوق لمثل تلك الروافع المالية المرتفعة رغم معرفتهم بأن الروافع المالية هي في الأساس من عوامل المخاطرة في سوق العملات هو معرفتهم أنه في حالة استخدام الروافع المالية بصورة منظمة وجيدة يكون من الممكن التحكم في مستويات المخاطرة وتحقيق معدلات أرباح مرتفعة، وإلا فإنهم لن يقدموا مثل تلك الخدمات. هذا بالإضافة إلى معرفتهم بأن الرافعة المالية هي السبب في ارتفاع معدلات السيولة في سوق العملات الأمر الذي يؤدي إلى سهولة دخول وخروج المحفظة من السوق بصورة كبيرة.
ولننظر إلى مثال لصفقة تم استخدام لرافعة المالية في سوق العملات فيها، لمعرفة كيفية إدارة مثل تلك الصفقات في سوق الفوركس. لنفترض على سبيل المثال أنك تريد التداول على الدولار الأمريكي مقابل الدولار الكندي. ولنفترض أيضا أنك تملك 10 آلاف دولار ترغب في استخدامها في التداول. يجب أولا معرفة أن القاعدة الأولى في التداول هو أن قيمة الحساب هي التي تفرض عليك الأسلوب للتعامل مع المخاطرة. فعلى سبيل المثال، من الممكن تحديد أقصى نسبة للمخاطرة 2% من قيمة رأس المال في الحساب عن كل عملية، الأمر الذي يعني أنه لا يمكن خسارة أكثر من 200 دولار في كل عملية يتم القيام بها طالما أن قيمة الحساب لا تزال 10 آلاف دولار. وبالتالي، عند التداول باستخدام تلك القاعدة فإنه مهما كان سار السوق عكس الاتجاه الذي تريده سيكون عليك الالتزام بمعدلات المخاطرة المتاحة ولتكن 2%، مما سيسمح لك بالحفاظ على قيمة محفظتك الاستثمارية لأطول فترة ممكنة.
كيف تتحكم في معدلات المخاطرة
في الحقيقة، هناك الكثير من العوامل الأخرى التي من الممكن التحكم في معدلات مخاطر الرافعة المالية غير قاعدة 2% السابق شرحها. فعلى سبيل المثال لنفترض أن معدل المدى السعري اليومي للدولار الأمريكي/دولار كندي كان 70 نقطة. ولنفترض أيضا أن قيمة كل نقطة يتحركها الزوج تساوي 10 دولار، وأن معدلات المخاطرة المسموح تحملها 2% وذلك للالتزام بقاعدة 2% ( 2% من 10 آلاف دولار = 200 دولار وذلك باعتبار أن كل نقطة تساوي 10 دولار فإن أكثر عدد من النقاط يمكن تحمله 20 نقطة خسارة فقط). وبالتالي، في حالة وضع نقطة وقف الخسارة بفارق 20 نقطة عن سعر الشراء فإنه من الممكن أثناء تحرك سوق العملات بطريقة عادية يتم تنفيذ نقطة أمر وقف الخسارة بدون داعي. ولهذا، يجب عند تحديد نقطة وقف الخسارة الالتزام أولا بقاعدة 2% ولكن يجب أيضا مراعاة المدى السعري اليومي للزوج في سوق العملات. إن كان المدى السعري اليومي أكبر بكثير من 20 نقطة فإنه في تلك الحالة يجب التداول على إطارات زمنية أقل أو استخدام عقود ذات أحجام أقل وبالتالي فإنك تستطيع إبعاد أمر وقف الخسارة قليلا حتى لا يتم تنفيذ أمر وقف الخسارة بدون داعي.
وبمجرد تحديد الحد الأقصى من الخسارة التي تستطيع تحملها، والتي سوف يتم حسابها بناءً على رأس المال المستخدم (2% من رأس المال) فإنك تكون قد وضعت نفسك في المكان المناسب من عملية استخدام الروافع المالية. ويجب أيضا مراعاة المدى السعري اليومي الذي تتحرك فيه الأسعار في سوق العملات حتى لا يتم تنفيذ أمر وقف الخسارة بدون داعي مع مراعاة الالتزام بقواعد إدارة المخاطر التي تستخدمها مع المحفظة الخاصة بك.
الخلاصة
لا داعي بأن تكون خائفا من استخدام الرافعة المالية في سوق العملات طالما أنك تتعلم كيفية التعامل معها بدون وضع المحفظة في محل مخاطرة كبير. وفي الحقيقة يمكن ان تكون هذه الرافعة المالية هي وسيلتك لتحقيق أرباح كبيرة طالما أنه يتم استخدامها بصورة صحيحة كما أنها قد تؤدي إلى تحقيق خسائر فادحة في حالة عدم مراعاة إدارة المخاطر في المحفظة الاستثمارية. ولكن بمجرد أن تتعلم كيفية إدارة المخاطر فلا داعي للخوف من استخدام الروافع المالية في سوق العملات.