مبادئ الإدارة المالية
أهمية ادارة راس المال في التداول
ادارة راس المال في التداول والإدارة المالية للمحفظة الاستثمارية هي التي تفرق بين المحترف والمبتدئ في التداولات في الأسواق المالية ومنها سوق الفوركس. وتعتبر الإدارة المالية هي العامل الأساسي وراء نجاح أو فشل المتداول في السوق لأنه عن طريق الإدارة المالية من الممكن أن يتحكم في حجم الخسارة كما يستطيع أن يتحملها، وذلك من خلال تحديد كميات الصفقات التي يقوم بفتحها وفقا لبعد أو قرب سعر فتح الصفقة عن نقطة وقف الخسارة. ولكن على الرغم من أهمية الإدارة المالية وعلى الرغم من وعي الكثيرين بها، إلا أنه لا يطبقها إلا القليلين في الحياة العملية. والسبب وراء ذلك هو الطمع في المكسب السريع، حيث أن الإدارة المالية قد تجبر مطبقها على اتخاذ بعض السياسات التي قد ينتج عنها تحقيق أرباح صغيرة على المدى القصير. ولكن من أجل التعرف أكثر على كيفية الإدارة المالية فإنه من الممكن النظر إلى الجدول التالي، وهو عبارة عن حجم الربح الذي يجب أن يتحقق في حالة خسارة نسبة معينة من المحفظة، وذلك من أجل إثبات أهمية الإدارة المالية.
|
لاحظ أنه يجب على المتداول أن يربح 100% من المحفظة من أجل تعويض خسارة 50%. وفي حالة تحقيق خسارة 75% فإنه يجب أن يربح 400% من أجل تعويض تلك الخسارة. أي أنه كلما ارتفعت الخسارة كلما زاد عبء التعويض وكلما ارتفعت النسبة المطلوب تحقيقها للتعويض وهو أمر بالغ الصعوبة.
ضربة الحظ في تداول العملات
على الرغم من وعي المتداولين في السوق ومعرفتهم بالأرقام السابقة، إلا أنهم ينسون ويتجاهلون كل ما تعلموه عند جلوسهم أمام شاشات التداول. وفي الحقيقة فإننا قد نجد قصص لمتداولين كثير يأخذون وقتا طويلا في التعويض لخسارة تم تحقيقها في وقت قصير ما يقرب من عام أو اثنين أو حتى خمسة أعوام. والسبب الرئيسي وراء ذلك هو عدم قيام المتداول باتخاذ سياسات الإدارة المالية الحكيمة وعدم ادارة راس المال في التداول جيدا التي تحميه من الخسائر الكبيرة، فعدم احترام نقاط إيقاف الخسارة في الوقت المناسب قد يتسبب في تحقيق خسائر فادحة قد تأخذ وقتا طويلا جدا للتعويض.
وفي الحقيقة فإن الكثير من المتداولين خاصة المبتدئين منهم عند بداية تعاملهم مع السوق يحلمون بتحقيق ضربة الحظ التي سوف تجعل منهم مليونيرات في وقت قياسي ومن ثم يستريحون باقي فترة حياتهم. ولكن قد تؤدي تلك الفكرة إلى تحقيق خسائر فادحة عند محاولة تحقيقها، حيث يتحمل أولئك المتداولين مخاطر عالية جدا من أجل الحصول على تلك الملايين ولكنهم في الحقيقة سوف يخسرون أموالهم ولن يحققوا ما يحلمون به. نعم نعرف أنه هناك مثل المضارب العالمي الشهير “جورج سوروس” الذي ربح 1 مليار دولار في يوم واحد، ولكن مثلما يمكن تحقيق ربح كبير في يوم واحد أيضا هناك احتمال أن يتم تحقيق خسارة فادحة في يوم واحد. لذلك فإنه يجب التعامل بحذر مع السوق و ادارة راس المال في التداول جيدا واتخاذ الاحتياطات الواجبة.
كيف تتعلم من أخطاءك عند ادارة راس المال في التداول؟
من الممكن أن يتفادى المتداولون الخسائر الفادحة وادارة راس المال في التداول بشكل صحيح وذلك عن طريق التحكم فيها بنقاط وقف الخسارة. وفي الكتاب الشهير الذي كتبه “جاك شواجر” عام 1989، قال أن المتداول اليومي أو المتداول طويل الأجل يجب أن لا يتحمل مخاطرة أكبر من 1% من إجمالي حجم المحفظة المالية عند كل عملية يقوم بها. وفي الحقيقة فإن ذلك يعطي الفرصة للمتداول بأن يخطئ حتى يتعلم من الخسارة ويحاول تلافي تلك الأخطاء في المستقبل. فعلى سبيل المثال إن أخطأ في 20 عملية متتالية وفي كل عملية خسر 1% فإنه سوف يتبقي معه 80% يحاول التعويض به وحينها ستكون العملية أسهل بكثير.
ولكن في الواقع العملي، لا يوجد الكثير من المتداولين يستطيعون تطبيق تلك القاعدة، فيكون المتداول أمام شاشات التداول مثل الطفل الذي لا يتعلم إلا عندما يقوم بلمس الإناء الساخن ويحرقه. ولهذا السبب فإننا غالبا ما نرى المتداولين الجدد يقومون باستخدام كل رأس مالهم للتداول أو المضاربة بمعنى أدق في السوق. ولكن التصرف السليم هو أن يتم البدء بالتداول بحجم أموال غير مؤثر على حياته الشخصية حتى لا تتوقف أمور حياته، وأن يقوم بالعمل بمبلغ صغير في البداية لأن أول محاولاته للتداول غالبا ما سوف تبوء بالفشل لذلك فإنه يجب عليه أن يعطي نفسه فرصة للتعلم أولا ومن ثم الدخول بمبلغ أعلى للتداول.
أساليب الإدارة المالية
بشكل عام، هناك أسلوبين للإدارة المالية. الأسلوب الاول أن يتحمل المتداول عند التداول خسائر صغيرة متكررة ويحاول أن يحقق ربحا كبيرا يعوض به الخسائر الصغيرة الأخرى. والأسلوب الثاني هو أن يقوم بالتداول على أساس محاولة تحقيق أرباح صغيرة من عمليات كثيرة، ولكن مع استخدام نقاط وقف خسارة بعيدة على أساس أن الأرباح الصغيرة المتكررة قد تعوض الخسارة الكبيرة.
والطريقة الأولى قد تتطلب حالة نفسية معينة من أجل تحمل الخسائر الصغيرة المتكررة ولكنها على المدى الطويل قد تحقق أرباح جيدة،؟أما الطريقة الثانية فقد تكون أكثر إثارة بالنسبة للمتداول ولكنها قد تؤدي إلى عدم الوصول إلى الهدف المطلوب في حالة تكرار الأخطاء نظرا لبعد نقاط وقف الخسارة أثناء التداول.
ولكن بشكل عام فإن الطريقة التي تقوم باختيارها لادارة راس المال في التداول يجب أن تكون متوافقة مع شخصيتك، حيث يعتمد جزء كبير من عملية التداول على الحالة النفسية للمتداول. ولعل من أفضل المميزات التي تحكم سوق العملات هو أنه يسمح لجميع الشخصيات بالتداول فيه بأي طريقة يفضلونها، وخاصة وأن تكلفة التداول ثابتة على جميع العمليات تقريبا.
فعلى سبيل المثال في اليورو/دولار أمريكي، يتحمل معظم المتداولين كلفة 3 نقاط عند فتح صفقة تداول (100/3) أي 1% من هذه الصفقة. وتلك التكلفة سوف تكون ثابتة كنسبة مئوية من كل الصفقات مهما كان حجمها. ففي حالة رغبة أحد المتداولين بالتداول على عقد بقيمة 100 وحدة أو عقد بقيمة مليون واحدة فإن التكلفة ستكون بنفس النسبة تقريبا. ولنفترض أنه هناك متداول يريد التداول على عقد بقيمة 10 آلاف وحدة وكانت التكلفة 3 دولار. حينها عند التداول على عقد بقيمة 100 وحدة فإن التكلفة ستكون 0.03 دولار، أي أن النسبة ثابتة على عكس سوق الأسهم الذي تختلف فيه نسبة التكلفة من سهم لآخر. فعلى سبيل المثال إن كانت عمولة التنفيذ ثابتة عند شراء 100 أو 1000 سهم بقيمة 20 دولار عند 40 دولار، حينها تكون التكلفة الفعلية لتلك الصفقات 2% في حالة شراء 100 سهم و 0.2% في حالة شراء 1000 سهم. وهذا الاختلاف في نسبة التكلفة قد يؤدي إلى وجود اختلافات في التداول من سهم لآخر، بالإضافة إلى وجود صعوبة على المتداولين الصغار بعمل تداولات كثيرة متكررة لارتفاع نسبة التكاليف على التنفيذ.
(راجع المقال التالي : مبادئ إدارة المخاطر عند التداول في سوق الفوركس)
الأنواع الأربعة لادارة راس المال في التداول ووقف الخسارة
بمجرد أن تكون مستعدا للتداول عليك أن تتعرف على الأنواع المختلفة لنقاط وقف الخسارة، وهم كالتالي:
1. وقف خسارة بناءً على حجم المحفظة الاستثمارية
يعتبر هذا النوع من من أبسط أنواع وقف الخسارة وادارة راس المال في التداول. ويتم تحديد تلك النقطة من خلال تحديد نسبة معينة يمكن تحمل خسارتها من المحفظة. فعلى سبيل المثال يتم تحديد نسبة 2% خسارة من الممكن تحملها في حالة فتح صفقة معينة. ففي حالة فتح حساب أو محفظة بقيمة 10,000 دولار، فإن كل عملية خاسرة لا يجب أن تزيد خسارتها عن 200 دولار أو 2% من حجم المحفظة الكلي. لذلك فإنه في حالة فتح حساب في سوق العملات قيمة العقد 10,000 وحدة على اليورو/دولار أمريكي فإنه لا يجب خسارة أكثر من 200 نقطة في كل عملية. ومن الممكن أن يقوم أحد المتداولين بزيادة تلك النسبة في حالة رغبته بتحمل المزيد من المخاطرة إلى 5%.
ولكن من أكبر عيوب ذلك النوع من نقاط وقف الخسارة أنه من الممكن أن يتم غلق الصفقة وتتجه الأسعار بعد ذلك إلى الاتجاه المطلوب. أي أن المخاطرة المحسوبة بناءً على تلك الطريقة تكون معتمدة على المحفظة وليست معتمدة على سلوك الأسعار مثل الاتجاه أو مستويات الدعم والمقاومة على سبيل المثال.
2. قطة وقف خسارة بناءً على الرسم البياني:
من الممكن استخدام التحليل الفني في التداول عن طريق تحديد الكثير من نقاط وقف الخسارة المحتملة بناءً على حركة السعر السابقة. وبصورة عامة فإن التحليل الفني يستخدم القمم والقيعان السابقة في تحديد نقاط وقف الخسارة المحتملة. وفي الرسم البياني التالي يظهر كيفية تحديد نقطة وقف خسارة. فعلى سبيل المثال في حالة فتح أحد المتداولين حساب بقيمة 10,000 دولار فإنه باستخدام تلك الطريقة مع الرسم البياني التالي فإن خسارته ستكون 150 نقطة أو ما يعادل 1.5% من الحساب.
3. نقطة وقف خسارة بناءً على معدلات التذبذب:
هي طريقة أكثر تطورًا وتكون بتحديد نقطة وقف الخسارة بناءً على معدلات التذبذب أثناء التداول بدلا من استخدام حركة الأسعار السابقة نفسها. ففي حالة ارتفاع معدلات التذبذب فإن ذلك يعني سير الأسعار بفوارق سعرية كبيرة. حينها يجب أن يضع المتداول عند التداول نقطة وقف خسارة بعيدة من أجل عدم الوقوع في فخ الإشارة الكاذبة بكسر نقطة وقف الخسارة ومن ثم عودة الأسعار للاتجاه المطلوب مرة أخرى. ونفس المنطق بالعكس في حالة انخفاض معدلات التذبذب فإنه من الممكن استخدام نقطة وقف خسارة قريبة.
من الممكن قياس معدلات التذبذب في السعر عن طريق مؤشر “البولينجر باند” والذي يقوم باستخدام الانحراف المعياري لقياس تذبذب الأسعار. وفي الرسمين البيانيين التاليين سوف نجد الأول يعبر عن ارتفاع في معدلات التذبذب والثاني يعبر عن انخفاض معدلات التذبذب. ولكن يجب أيضا تذكر أنه لا يجب أن تكون خسارة أي مركز مالي أكثر من 2% بالنسبة لحجم المحفظة ككل. وبالتالي في حالة استخدام نقاط وقف خسارة بعيدة فإن حجم الخسارة من الممكن التحكم فيها من خلال الكمية المستخدمة في الصفقة.
4. وقف الخسارة بناءً على الهامش:
من الممكن أن تكون تلك الطريقة مفيدة بشكل كبير في ادارة راس المال في التداول؛ وذلك لأن سوق العملات يعتمد في تداولاته بصورة كبيرة على الهامش واستخدام الروافع المالية بشكل كبير. ولهذا الأمر يتم استخدام ما يسمى بطلب التغطية (Margin call) من أجل حماية الحساب من التحويل إلى مديونية في حالة خسارة رأس المال بالكامل وخسارة الأموال المقترضة من شركة الوساطة من خلال الهامش.
وتتطلب تلك الطريقة في إدارة الأموال أن يقوم المتداول بتقسيم رأس المال الخاص به لعشرة أقسام متساوية. فإن كان حجم المحفظة 10,000 دولار، يقوم المتداول بإيداع 1000 دولار فقط في الحساب ويقوم بادخار 9000 دولار في البنك، ومن ثم يقوم باستخدام رافعة مالية 100:1 حينها من الممكن أن يتداول على عقد بقيمة 100.000 وحدة من الزوج. وفي حالة سير السعر عكس الاتجاه بنقطة واحدة فقط فإن ذلك سوف يؤدي إلى إرسال شركة الوساطة لطلب التغطية. وحينها من الممكن التعديل في تلك الخصائص باستخدام عقود بقيمة 50,000 وحدة الأمر الذي يعني تحرك السعر في الاتجاه المعاكس 100 نقطة حتى يتم إرسال طلب التغطية. ومن ثم في حالة خسارة رأس المال المودع (1,000 دولار) يتم إيداع جزء أخر وهكذا. ولكن بغض النظر عن تفاصيل الحساب فإن تلك الطريقة من أفضل الطرق التي تتيح للمتداول التحكم في حجم مخاطرته بشكل كبير دون السماح للعواطف بالتحكم فيه.
الخلاصة
كما هو واضح من المقال السابق فإن الإدارة المالية يجب التعامل بها عند التداول في أسواق المال ومنها سوق العملات، حيث أنها تحمي المستثمر من الوقوع في فخ الخسائر والتعويض المستمر، وتضمن له النجاح على المدى الطويل.