التحليل الفني من الألف إلى الياء – الجزء الأول
ما هو التحليل الفني ؟
يعتقد الكثير من الناس ان التداول في البورصة هو نوع من المضاربة. ومن خلال سلسلة مقالات التحليل الفني من الألف للياء، ستتغير لديك هذه النظرة تمامًا للتداول في البورصة. ففي الحقيقة، يعتمد التداول في البورصة على عدة أنواع من التحليلات التي تتم دراستها على أساس علمي. وأشهر هذه التحليلات هي التحليل الفني. ما هو التحليل الفني ؟ بشكل مباشر وبسيط، التحليل الفني هو علم يتم استخدامه من أجل توقع الحركة المستقبلية للأسعار وذلك بناءً على دراسة تاريخ الورقة المالية من ناحية حركة السعر وأحجام التداول.
تاريخ التحليل الفني
بعد الإجابة على سؤال ما هو التحليل الفني ، قد يكون من المثير للاهتمام أن تتعرف بشكل مبسط على تاريخ التحليل الفني . لقد نشأت مبادئ التحليل الفني من خلال مراقبة المتداولين لحركة أسعار الأصول المختلفة منذ أكثر من 200 عام. ولعل أقدم من تحدثوا عن التحليل الفني في مجال الأسواق المالية في القارة الأوروبية هو “جوزيف دي لا فيجا” وذلك في القرن السابع عشر. أما في قارة آسيا، تتمثل أقدم الأمثلة للتحليل الفني في “هوما مونيهيسا” والذي طور طريقة الشموع اليابانية في القرن الثامن عشر والتي أصبحت الآن من أهم وأشهر الأدوات الفنية التي يستخدمها الكثير من المحللين الفنيين حول العالم.
تعتبر نظرية داو أيضًا من الطرق القديمة في مجال التحليل الفني والتي وضع أساسها “تشارلز داو” الذي طور الكثير من الجوانب في علم التحليل الفني الحديث وذلك خلال أواخر القرن التاسع عشر. ومن ثم تبعه الكثير من المساهمين في تطوير ذلك العلم مثل “رالف نيلسون إليوت” وأيضا “ويليام جان” و “ريتشارد وايكوف” واللذين طوروا الكثير من أدوات التحليل الفني التي ساهمت في إثراء مجال التحليل الفني بصورة كبيرة خلال القرن العشرين.
أما في وقتنا هذا فقد تم تطوير كل الأدوات الفنية والنظريات أكثر فأكثر وتدخلت التكنولوجيا وأجهزة الحاسبات الآلية في دعم ذلك التطوير بصورة كبيرة حتى وصل الأمر إلى ما نحن عليه الآن.
شرح التحليل الفني
يقوم المحلل الفني بدراسة الرسوم البيانية لحركة أسعار التداول الخاصة بالورقة المالية التي يتابعها وذلك من أجل تحديد النماذج التي يكونها السعر بالإضافة إلى الاتجاهات التي تسير فيها الأسواق المالية، وبناءً على نتائج ذلك التحليل فإنه يقوم بتحديد قرارات التداول المناسبة.
ولعل من أكثر ما يهتم به المحللون الفنيون عند دراستهم للرسم البياني للأسعار هو تحديد نماذج التحليل الفني التي تكونها أسعار التداول، مثل نموذج الرأس والكتفين أو نموذج القمة المزدوجة أو نموذج العلم أو نموذج الكوب والعروة. ومن الممكن أيضا أن يستخدم المحلل الفني بعض المؤشرات الفنية التي تساعده في رسم الرؤية الفنية للسوق مثل المتوسطات المتحركة والتي تعتبر من أحد الطرق لتحديد مستويات الدعم والمقاومة. وأيضا من الممكن أن يستخدم خطوط الاتجاه والقنوات السعرية لتحديد هذه المستويات بدقة .
ما هي المؤشرات الفنية
عندما تسأل عن ما هو التحليل الفني ، فلا بد أنك ستجد ما يتحدث عن المؤشرات الفنية و هي عبارة عن معادلات رياضية تستخدم أسعار و أحجام التداول من أجل قياس شيء معين. على سبيل المثال تساعد المؤشرات المحلل الفني في تحديد ما إن كانت أسعار التداول تتحرك بصورة اتجاهية أو عرضية. كما انها تساعد على متابعة العلاقة بين عاملين مختلفين، مثل السعر وأحجام التداول خاصة في حالة العقود المستقبلية. وهناك ايضًا مؤشرات فنية مثل المتوسط المتحرك ومؤشر القوة النسبية ومؤشر الماكد واللذان يتم استخدامهما من أجل قياس مقدار قوة حركة أسعار التداول. وبالنسبة لعقود الأوبشن فإنه يتم استخدام مؤشرات أيضًا من أجل حساب معدلات الذبذبة الخاصة بها .
مثال على مؤشر المتوسط المتحرك على الرسم البياني للباوند / دولار أمريكي. |
ولعل الغرض الرئيسي من استخدام تلك المؤشرات أو البحث عن النماذج الفنية لحركة أسعار التداول هو الحصول على المعلومات الكافية التي تؤهل المحلل لتوقع حركة أسعار التداول في المستقبل، الأمر الذي يجعل نسبة نجاحه أعلى من نسبة فشله بالإضافة إلى مساعدته في التحكم في معدل المخاطرة التي سيتعرض لها وذلك عن طريق إتباع طرق إدارة المخاطر .
مدارس التحليل الفني
هناك عدة مدارس في التحليل الفني التي تقدم شرح التحليل الفني من زاوية معينة. على سبيل المثال هناك مدرسة الشموع اليابانية ، ومدرسة نظرية داو ، ومدرسة نظرية موجات “إليوت” . وهناك بعض المحللين قد يهتمون بمدرسة أو مذهب معين وقد يتجاهلون المذاهب الأخرى. وتقوم مجموعة أخرى من المحللين بالجمع بين أكثر من مذهب عند تطبيق التحليل الفني. ولكن يجب أن نعلم أن التحليل الفني هو في النهاية علم قد تختلف فيه آراء المحللين بشأن الحركة المتوقعة للأسعار. لذلك فإن كل محلل لديه الحرية في اختيار ما يناسبه طالما أنه مدرب على استخدامه. و هناك مجموعة أخرى من المحللين يعتمدون على الأنظمة الأوتوماتيكية في التداول بدلا من قيامهم بالتحليل اليدوي والبحث البطيء عن فرص للتداول. وينطبق ذلك على جميع الأسواق المالية ومنها سوق الفوركس.
هل يتعارض التحليل الفني مع التحليل الأساسي ؟
يرى البعض أن التحليل الفني يبدو معارضًا للتحليل الأساسي والذي يعتمد في الأساس على دراسة العوامل الاقتصادية التي تؤثر على حركة أسعار التداول في الأسواق المالية. ويرى البعض الآخر أنه لا داعي لدراسة عوامل التحليل الأساسي بصورة كاملة وذلك لأنه إن كان لها تأثيرا على أسعار التداول فإنه يتم بالفعل دراسة أسعار التداول على الرسوم البيانية. وبالتالي فإنه يتم دراسة تلك العوامل بصورة غير مباشرة من خلال دراسة حركة أسعار التداول. ولكن هناك من يرى – وهذه الرأي هو الأصح بالنسبة لنا – أنه من الأفضل الجمع ما بين التحليل الاساسي والفني عند القيام باتخاذ قرار استثماري في وقت من الأوقات، سواء في سوق الفوركس أو غيره من الأسواق المالية.
سمات التحليل الفني
عندما تتعرف على سمات التحليل الفني في الأسواق المالية ، ستصبح لديك معرفة أكبر عن ما هو التحليل الفني. وفيما يلي أبرز سمات التحليل الفني
- يستخدم التحليل الفني الكثير من النماذج و قواعد التداول والتي تعتمد في الأساس على حركة السعر وأحجام التداول مثل مؤشر القوى النسبية والمتوسطات المتحركة.
- يعتمد التحليل الفني على علاقات الأسواق مع بعضها البعض بالإضافة إلى الإطارات الزمنية للرسوم البيانية والتحليل الكلاسيكي والنماذج الفنية.
- يهدف التحليل الفني إلى توقع حركة أسعار التداول في المستقبل، سواء في سوق الفوركس أو غيره من الأسواق المالية.
أوجه الاختلاف بين التحليل الفني و التحليل الأساسي
ويختلف التحليل الفني عن التحليل الأساسي في بعض النقاط . أهمها أن التحليل الفني يتجاهل طبيعة الشركة التي يتم دراسة الورقة المالية الخاصة بها، ويتجاهل نوع العملة التي يتم دراستها أو نوع السلعة. بينما يهتم فقط بشكل الرسم البياني الذي يقوم بدراسته، فيهتم بحركة أسعار التداول وشكل أحجام التداول.
أما التحليل الأساسي فيهتم بكل الحقائق الخاصة بالشركة صاحبة السهم أو الورقة المالية، ويهتم بالدولة صاحبة العملة وكذلك بالمؤسسة صاحبة السلعة التي يتم دارستها.
وعلى الرغم من هذا الاختلاف إلا أنه في شركات إدارة الاستثمارات أو الوساطة الكبرى غالبا ما يتم الاعتماد على كلا من التحليل الأساسي والتحليل الفني عند اتخاذ القرار الاستثماري.
هل اختار التحليل الفني أم التحليل الأساسي ؟
ما هو التحليل الفني ؟ ما هو التحليل الأساسي ؟ كيف اختار الأفضل ؟ أسئلة تراود أي مبتدئ في مجال التداول في البورصة . بصورة عامة أصبح للتحليل الفني في الوقت الحالي شهرة واسعة بين المتداولين في جميع الأسواق المالية. ولكن لم يكن ذلك الوضع قائما بتلك الصورة منذ فترة زمنية طويلة . ففي الفترة ما بين 1960 و 1970 لم يكن التحليل الفني محل اهتمام من الدراسات الأكاديمية. ولكن بعد تلك الفترة ، بدأ التحليل الفني يأخذ الكثير من الاهتمام من ناحية الدراسات الأكاديمية . ولكن كانت المشكلة الحقيقية في ذلك الوقت تكمن في الحصول على المعلومات الكافية حول أسعار التداول مما كان يسبب بعض المشاكل في تلك الفترة. وعلى الرغم من انتشار التحليل الفني كعلم بعد تلك الفترة بصورة كبيرة إلا أنه لا يزال هناك بعض الأكاديميين الذين يرون أن التحليل الفني مثل الخيال العلمي مثل “يوجين فاما” والذي يقول أن أدلة نجاح التحليل الفني في أسواق المال ضئيلة للغاية وغير ثابتة . ولكن ردًا على ذلك يقول البعض: “حتى وإن كان التحليل الفني غير معترف به علميا ولا يستطيع توقع حركة أسعار التداول في المستقبل بصورة كبيرة إلا أنه من الناحية العملية يساعد في تحديد فرص تداول ناجحة في السوق “.
الدمج بين التحليل الفني و التحليل الأساسي
من الممكن القول إن التحليل الأساسي له شهرة أوسع في مجال الأسواق المالية، ولكن هذا لا يمنع أيضا أن هناك الكثير من الدراسات التي تشير إلى تعلم ما هو التحليل الفني قد يحقق الكثير من الأرباح بصورة جيدة في حالة استخدامه بطريقة صحيحة. ولذلك تشير آخر الآراء أن الدمج بين التحليل الفني والتحليل الأساسي في السوق عند اتخاذ قرار استثماري كفيل برفع احتمالات النجاح واحتمالات تحقيق أرباح لفترات زمنية طويلة.