Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأسهم

نظام بريتون وودز: بداية الهيمنة الأمريكية على العالم

نظام اتفاقية بريتون وودز مصطلح قد لا يعرف الكثيرون ماذا يعني؟ وما المقصود به وذلك على الرغم من أن القصة ورائه ليست قصة عادية بل كانت بداية لما يحدث في دول العالم أجمع من فترات رخاء أو كساد أو أزمات مالية، فالبطل وراء كل هذا كما هو معروف للجميع عملة الدولار الأمريكي. فبعد اتباع هذا النظام عالميًا أصبح الدولار العملة المدللة وسط عملات العالم القوي منها والضعيف، فيا تُرى ماذا حدث جعله يلعب مثل هذا الدور سيكون ذلك موضوعنا اليوم فهيا بنا.


 

اتفاقية بريتون وودز

البداية لتطبيق نظام اتفاقية بريتون وودز كان اتفاقية تحمل نفس الاسم، عُقدت عام ١٩٤٤ وتمت بين ٤٤ دولة مَثْلها ٧٣٠ فرد، كان البطلان الرئيسيان لهؤلاء الممثلين اثنين من كبار علماء الاقتصاد وقتها، وهما العالم الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز، والداهية الاقتصادية الأمريكي مستر وايت الحاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد.

أما بالنسبة لسبب التسمية فذلك لأن مكان الانعقاد كان في مدينة تحمل نفس الاسم تقع في ولاية “نيوهمابشر” الأمريكية. 

وكان السبب المُعلن وقتها للانعقاد هو حل أزمة الكساد العالمية والتي وقع تأثيرها على الدول جميعها بسبب الحرب العالمية الثانية وألقت بظلالها السوداء على دول العالم أجمع وعلى وجه الخصوص الدول الأوروبية. في حين كان الموقف الاقتصادي المهزوز لبريطانيا العظمى وقتها والذي وصل إلى الحد الذي طلبت عنده الاقتراض من أمريكا وذلك نتيجة لما تكبدته من خسائر خلال الحرب، أحد أهم الأسباب الرئيسية لانعقاد الاتفاقية. 

تضمنت الاتفاقية هيئة جديدة تمامًا للوضع المالي العالمي وتشكيل مختلف للخريطة الاقتصادية العالمية، وسنناقش الأحداث الواقعة في العناوين التالية.


 

بنود اتفاقية بريتون وودز

تعرفنا على كواليس اتفاقية  بريتون وودز ولكن يظهر التساؤل الآن عما تضمنته بالضبط، وما هو نظام بريتون وودز، إجابة هذا التساؤل من الممكن تلخيصها على النحو التالي:

  • كان جوهر الاتفاقية هو ربْط جميع العملات العالمية بالدولار الأمريكي والذهب وجعلهما مقياس لقوة كل عملة منهم. والجدير بالذكر أنه قيل أن من وَقْعوا على هذا البند كانوا في غفلة عن كلمة دولار، وهذا ما ذكره البعض فيما بعد.
  • كتب العالم الأمريكي وايت مذكرة من ٩٦ صفحة تمت صياغتها فيما بعد على هيئة بنود، كان أبرزها مايلي:

1- إنشاء صندوق النقد الدولي ومهمته وقتها كانت هي الحفاظ على هذا النظام وتطبيقه.

2- إنشاء البنك الدولي للإسكان والتعمير بهدف القضاء على الفقر في العالم ومساعدة الدول النامية في النهوض، وإقامة مشروعات تنموية على وجه الخصوص تلك التي تتعلق بالزراعة والكهرباء. ظهرت رغبة من جهة بريطانيا لتواجد هاتين المنظمتين على أرضها ولكن قوبل هذا بالرفض التام من الجانب الأمريكي وجعلت نيويورك هو مكانهما.

في حين حددت إتفاقية بريتون وودز الدولار بما يعادل ٣٥ أونصة من الذهب. ومن الجدير ذكره أن أمريكا كانت تمتلك حينها ٧٥ في المائة من احتياطي الذهب العالمي.

اقرأ عن: الاقتصاد الكلي


 

الدول المشاركة في نظام بريتون وودز

ال ٤٤ دولة التي شاركت في الاتفاقية والتي استمرت فعالياتها لمدة ثلاثة أسابيع هي كالتالي:

  • بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
  • أستراليا وبلجيكا وبوليفيا والبرازيل.
  • كندا وتشيلي والصين.
  • كولومبيا وكوستاريكا وكوبا.
  • تشيكوسلوفاكيا والدومنيكان والإكوادور.
  • مصر وفرنسا والسلفادور وأثيوبيا.
  • غواتيمالا وهايتي وهندوراس وأيسلندا.
  • لوكسمبورج وهولندا والمكسيك.
  • نيكاراجوا والنرويج وبنما.
  • باراجواي وبيرو والفلبين.
  • بولندا وجنوب أفريقيا والاتحاد السوفيتي.
  • فنزويلا ويوغوسلافيا.
  • شارك من الدول العربية فقط دولتي مصر والعراق. حيث كان إبراهيم كمال ممثلًا عن العراق. بينما كان ساني لاكني بك ممثلًا عن دولة مصر.

 

نتائج اتفاقية بريتون وودز

بالطبع ظهر تذمر في صفوف الدول في البداية من فكرة السيطرة الدولارية، وبسبب أن معظم هذه الدول كانت منهكة من جراء الحرب العالمية الثانية، فكانت النتيجة الاستسلام لذلك الأمر وخاصة بعد قيام الدول الكبرى وزعمائها مثل تشرشل في بريطانيا وستالين الروسي بالموافقة على ذلك.

كان أهم ما أسفر عنه تطبيق بريتون وودز هو الهيمنة للعملة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، وتحقيق الحلم الأمريكي في السيطرة المالية على دول العالم.

أصبح الدولار هو العملة الرسمية للاحتياطي النقدي للدول وكذلك هو المُستَخْدم في الاستيراد والتصدير والتجارة الدولية وعلى رأسها النفط وأصبح من يملكه له السيادة. كما أن ربط قوة العملات بالذهب أدى إلى استقرار سعر الصرف و ضبط مستويات التضخم في الاقتصادات المختلفة.

وكان من أهم نتائج تطبيق نظام بريتون وودز هو عقد اتفاقية الجات بين ٢٣ دولة في جنيف عام ١٩٤٧ والتي كان من أهم أهدافها تحرير التجارة الدولية.

والجدير بالذكر أنه في أوائل الخمسينات لجأت الحكومات الأوربية إلى حيلة ذكية لجذب رؤوس الأموال الأمريكية، حيث قامت برفع أسعار الفائدة إلى معدلات غير مسبوقة، وبالفعل قامت بنوك كبرى أمريكية باستثمار أموالها في أوروبا حتى أنه حدث تسجيل لرقم تاريخي للتدفقات النقدية الخارجة من أمريكا إلى أوروبا.


 

انهيار اتفاقية بريتون وودز: صدمة نيكسون

أدى خروج رؤوس الأموال الأمريكية إلى الخارج – كما ذكرنا سابقًا – بالإضافة إلى المساعدات التي قدمتها أمريكا لدول عديدة كاليابان إلى زيادة عجز فائض ميزان المدفوعات الأمريكي. كما أن حدوث حرب فيتنام الشهيرة التي أثقلت أمريكا وزادت من أعبائها الاقتصادية بسبب تكاليف الحرب أدت إلى انخفاض احتياطي الذهب لديها.

كانت الأحداث السابقة سببًا أساسيًا  لخروج الرئيس الأمريكي نيكسون عام ١٩٧١ ليقوم بسكب الماء البارد على الجميع ويُعلن توقف الربط بين الدولار والذهب. وبمثل هذا الخطاب يكون التوقف الرسمي لنظام بريتون وودز، ووقتها قامت أمريكا بطبع عملة الدولار بدون غطاء من الذهب.

وفي نهاية عام ٢٠٢٢، قام الفيدرالي الأمريكي بزيادة سعر الفائدة لكبح جماح التضخم مما أدى إلى زيادة قيمة الدولار إلى معدلات غير مسبوقة، مما دفع الدول الكبرى كاليابان وروسيا إلى التهديد باستخدام عملاتها في التجارة الدولية، بينما كان  لهذه الزيادة أسوأ الأثر فعلى الدول النامية. وكأن العالم دائمًا على موعد مع تحمل ما تقوم به أمريكا من سياسات مالية لا هدف منها إلا الحفاظ على مصالحها.


 

اتفاقية البترودولار

بعد انهيار بريتون وودز ولجوء أمريكا إلى طبع عملة خضراء بدون غطاء ذهبي، كان لابد للاقتصاد الأمريكي أن يعمل ليخرج من هذا المأزق. هنا توصلت أمريكا وقتها لاتفاقية البترودولار بالتعاون مع السعودية المُصدِر العالمي الأول للبترول، حيث اتفقت معها على تسعير براميل النفط بالدولار فقط. وهكذا أصبحت أي دولة ترغب في الحصول على النفط يجب أن تمتلك الدولار.

الجدير بالذكر أن دولة  السعودية وافقت على هذا الأمر وسارعت بإقناع دول منظمة الأوبك به. قد يتسائل البعض عن الفائدة العائدة على السعودية والإجابة بمنتهى السهولة هي حماية أمريكا لها مما يزيد من قوتها العسكرية ويزيد كذلك من هيمنتها على المنطقة، أدى هذا الأمر إلى ارتفاع أهمية الدولار وزيادة قوته العالمية.

اقرأ عن: مفهوم البنك المركزي


 

الأسئلة الشائعة

ما معنى “بريتون وودز”؟

هو الاسم الذي تم إطلاقه على مؤتمر النقد الدولي الذي انضم إليه أربع وأربعين دولة. خلال هذا المؤتمر الذي انعقد في الفترة بين  1 و 22 يوليو 1944، عمِلَت الدولة المشاركة على وضع خطط تستهدف استقرار النظام المالي العالمي؛ سعيًا لزيادة معدلات النشاط التجاري بعد الأضرار التي تعرض لها الاقتصاد العالمي إثر الحرب العالمية الثانية. 

 

كيف انتهى نظام بريتون وودز؟

بدأ الأمر عام 1971 بإعلان الرئيس الأمريكي “ريتشارد نيكسون” عن تعليق تحويل الدولار إلى ذهب “مؤقتًا”، وكانت هذه هي الإشارة الاولى لنهاية هذا النظام. 

وفي 1973، أعلنت مجموعة العشرة عن موافقتها على ربط ست أعضاء من المجموعة الأوروبية لعملاتهم وتعويمها  مقابل الدولار الأمريكي. وكان هذا القرار بمثابة تخلي صريح عن هذا النظام. 

 

نظام بريتون وودز ما هو إلا انعكاس للسياسات الأمريكية الهادفة لفرض سطوتها على العالم منذ القِدم، لذا كان لابد من إلقاء الضوء على هذا الأمر لعله يكشف لنا بعض الأمور التي نتعرض لها هذه الأيام.


 

المصادر: 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى